في ظل الأوضاع التي تعيشها بلادنا هناك الكثير من الأطفال يصابون بالألم، ولا تخلو حياتهم من المعاناة، وكلما كان عمر الطفل صغيرا زادت وطأة الحدث عليه، خاصة في حالة فقدان الأم، التي تكون بطبيعة الحال ملازمة للطفل، خاصة في حكاية مثل حكاية الطفلة هنادي محمود الرصاعي، التي عانت العذابات النفسية والحرمان العاطفي بسبب وفاة والدتها وهي ما تزال طفلة ترضع لم يتجاوز عمرها العامان، ثم تلبسها شبح سوء التغذية الوخيم الذي بدأت آثاره تظهر على جسدها الصغير المنهك.
مأساة الطفلة هنادي
بدأت قصة الألم تراود أسرة هنادي منذ نزوحهم من محافظة حجة هربا من سعير الحرب هناك، حتى استقر بهم المقام في مخيم الجفينة بمحافظة مأرب، التي يعتبرها الكثير من النازحين ملاذا آمنا لهم.
كان النزوح لوحده حملا ثقيلا على كاهل الأسرة، جلب معه الكثير من الأحمال الأخرى، كالخوف من المجهول، والفقر، ورب الأسرة العاطل، ومرض الأم العضال. لكن الطامة الكبرى التي قصمت ظهر الأسرة كان وفاة الأم بعد أيام من النزوح بسب مرضها، ورحيلها الذي تركت ورائه طفلة صغيرة عمرها عام ونصف تبكي لفقدان الحنان مع اللبن.
لقد سبب رحيل الأم فراغا كثيرا في حياة هنادي، فأصبحت مضطربة، دائمة البكاء، تشكو الجوع وغياب دفء الأم، حتى بدى الوهن يتخلل إلى جسدها الضعيف، وبدأت تفقد شهيتها للأكل، وبدأ الضمور يظهر في أطرافها.
لاحظ الخال صحة ابنة أخته تتدهور، ووجهها يزداد شحوبا، فما كان منه إلا أن حملها إلى مستشفى الشهيد محمد هائل.
التدخل السريع
في المستشفى استقبله فريق طبي يتبع برنامج معالجة سوء التغذية الذي ينفذه المشروع التكاملي للوصول الانساني بدعم وتمويل من منظمة الطفولة اليونيسف الذي قام بالإجراءات الجسمانية لهنادي، وأظهرت الفحوصات الأولية أن هنادي تعاني من سوء تغذية حاد ووخيم، حيث تبين ذلك من خلال وزنها الخفيف الذي بالكاد وصل إلى (5.7) كيلوجرام، ومقياس الذراع الذي أشار إلى اللون الأحمر بقياس (10) أي أنه في مرحلة الخطورة.
هنادي تتماثل للشفاء
عمل الفريق الطبي بهمة ونشاط على اخضاع هنادي لبرنامج غذائي متوازن مع المتابعة المستمرة لحالتها لفترة ثلاثة أشهر، فبعد فترة المعالجة الغذائية كسبت وزن إضافي وصل وزنها إلى 7.5 كيلوجرامات، تعدت هنادي مرحلة الخطر، وتماثلت للشفاء التام من سوء التغذية، أصبحت حالة هنادي النفسية مستقرة، وعادت الروح والبشاشة إلى وجهها، وبدأت توزع ابتسامتها البريئة لمن حولها.
(شكرا للفريق الطبي .. شكرا للوصول الانساني.... شكرا لمنظمة الطفولة اليونيسف
شكرا لكم جميعا، لقد أعدتم لنا الأمل من خلال ابتسامة هنادي)
هكذا ردد خالها وهو يوجه كلمات الشكر، وقد احتضن ابنه اخته هنادي بين يديه، ورجع عائدا إلى المخيم والفرحة تملأ قلبه، ويد هنادي تلوح بالسلام للفريق الطبي الذي وقف على باب المستشفى يودعها.