يعاني معظم السكان في اليمن ، من تداعيات شحة المياه الصالحة للشرب ، وتزداد معاناتهم سوءا في المناطق المحرومة ، التي تفتقد للقدر الكافي من مشاريع المياه ، الأمر الذي ينعكس سلبا على حياة السكان ، وفي مقدمتهم الأطفال والفتيات الصغيرات ، الذين يجبرون على ترك مدارسهم ، وهجر تعليمهم ، ويتفرغون لجلب المياه من مصادرها الشحيحة إلى منازلهم ، فتحل الكارثة المجتمعية التي لا يتنبه لها الآباء والأمهات ، وتتحول مسألة تسرب الأطفال من التعليم إلى قضية هامشية لا وزن لها ، في ظل انعدام مياه الشرب الذي يمثل العنصر الأساسي لاستمرار الحياة .
تسرب الطلاب من التعليم
في منطقة آل جعيثين بمديرية الوادي في محافظة مأرب ، ترك معظم الأطفال والفتيات ، من أبناء المنطقة الأصليين ومن أبناء النازحين ، مقاعد الدراسة مكرهين ، فمهمتهم الجديدة صارت تتركز في البحث عن المياه وجلبها إلى منازل أسرهم ، الأمر الذي ينذر بكارثة خطيرة ، ويزيد من نسبة ارتفاع الأمية بين سكان المخيم وأفراد المجتمع المضيف ، يقول أحدهم : يوجد لدينا بئر واحدة لكل السكان وهي " معطلة عن العمل " ، تنقل النساء الماء من مسافات بعيدة سيرا على الأقدام ، ترك الأطفال والفتيات مدارسهم مجبرين لكي يبحثوا عن مياه الشرب ، وتقول إحداهن " تخرج المرأة أو الفتاة لجلب المياه صباحا وتعود منتصف النهار ، بعض النساء يذهبن لجلب المياه وهن حوامل ، والبعض مصابات بأمراض مزمنة ، نأمل أن تنتهي معاناتنا ، ونتمنى أن يعود أطفالنا وبناتنا إلى مدارسهم .
استجابة سريعة ومثمرة
في ظل ما تشهده اليمن من وضع اقتصادي ومعيشي ، لا نظير له في عالم اليوم ، تمثل الوصول الانساني و UNICEF ، عنوان الاستجابة الطارئة لدعم السكان المحتاجين والبائسين في معظم مناطق اليمن ، بعد مناشدة سكان المنطقة والنازحون للتدخل ، شرعت الوصول الانساني الشريك المنفذ لمشروع مياه آل جعيثين ، في تنفيذ هذا المشروع الحيوي الهام ، الذي مولته منظمة الطفولة UNICEF ، قام الفريق الفني والهندسي ، في إنشاء غرفة التحكم بالضخ ، وإنشاء خطوط الضخ ، وتركيب وحدة الضخ الغاطسة مع ملحقاتها ، وتوصيل الكهرباء من مصدرها إلى وحدة الضخ ، وصيانة وتأهيل خزان المياه البرجي بسعة 40 مترا مكعبا ، وتركيب شبكة إسالة المياه إلى المنازل مع ملحقاتها ، واستكمال كل الترميمات اللازمة لانتهاء العمل في المشروع .
آثار إيجابية وفرحة غامرة
تحقق الحلم وعادت المياه إلى مجاريها كما يقال ، صار الماء ينبوعا يتدفق من وسط القرية ، اغترف الأطفال من أبناء السكان الأصليين والنازحين الماء بأيديهم ، ارتوت به أكبادهم واغتسلت به أجسادهم ، ارتوت به حتى الأنعام والأشجار ، فرحت النساء فرحا عارما ، صار الماء يندفع من أنابيبه داخل المنزل والمطبخ ، لامس المشروع احتياجات الأهالي والنازحين ، بات الجميع ينعمون بدفئه يوميا دون عناء .
تمكن الأطفال الذين كانوا يذهبون سابقا لجلب المياه ، من الذهاب إلى المدارس لمواصلة تعليمهم ، تمكن الآباء والأمهات من إيجاد وقت كافٍ لتعليم ورعاية أطفالهم ، فالماء أساس الحياة والاستقرار .
عبر كل السكان والنازحين عن شكرهم وتقديرهم ، للوصول الانساني و UNICEF ، التين أزالتا المعاناة ، وأنعشتا حياة السكان من جديد ، وأعادتا الأطفال إلى مدارسهم ، ورسمتا البسمة في شفاه الكبار والصغار على حد سواء.