يعد الأطفال من الفئات الأكثر هشاشة وسط النزاعات والحروب، ويتعرضون لانتهاكات عديدة، منها الانفصال عن الأسرة، والإهمال، وسوء المعاملة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والاتجار، والزواج المبكر، والحل يكمن إلى حد كبير في الاستجابات القوية التي تستثمر في الحماية.

وحماية الطفولة في الصراعات المسلحة تقع في صميم احترام القانون الدولي الإنساني، وتتضمن تدخلات متعددة لمنع العنف والإساءة والاستغلال ضد الأطفال، وتستجيب لاحتياجاتهم الخاصة، وكل ما من شأنه احترام حقوقهم ووقف معاناتهم، لصون حياتهم ومستقبلهم، ولا سيما الأطفال الأشد ضعفا.

إذ ينبغي أن ينمو جميع الأطفال في بيئة آمنة، وبمنأى عن الأذى الجسدي والنفسي، وأن تكون لديهم الفرصة في النمو والمساهمة بفعالية في المجتمع، وأطفال اليوم يحتاجون إلى عناية مضاعفة، وكلما وفرنا لهم أسباب الثقة في النفس وشجعنا رفاههم ونمائهم، نضمن جيلا متوازنا يؤسس للإيجابية والعطاء.

أطفال عالقون في حلقة مستمرة من اليأس

وفي اليمن، أدت الأزمة الإنسانية الواسعة إلى تزايد المخاطر المتعلقة بالحماية، وهناك عدد كبير من الأطفال محرومين من الضروريات الأساسية، ويتعرضون لأشكال خبيثة من الانتهاكات، وأصبحوا عالقين في حلقة مستمرة من اليأس ومستقبلهم على المحك، وحماية الأطفال لم يكن يوما بأشد حاجة منه كما هو الآن.

وفي تصريح صحفي سابق، قالت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، إن "المزيج الشرير المكون من سنوات الصراع الطويل والاقتصاد المنهار ونظام الدعم الاجتماعي الفاشل كان له تأثير مدمر على حياة الأطفال الأكثر ضعفا في اليمن".

ووفقا للمسح العنقودي متعدد المؤشرات لعام 2023، فهناك طفل من كل أربعة أطفال في سن التعليم الأساسي لا يذهب إلى المدرسة، و29% من الأطفال منخرطون في العمل، وبحسب بيان صادر عن "اليونيسف"، في مارس الماضي، فإن قرابة 10 ملايين طفل يمني ما يزالون بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية.

كما يشهد اليمن إحدى أكبر أزمات النزوح الداخلية حول العالم، والأطفال النازحون أكثر عرضة للمخاطر، ويواجهون تحديات خطيرة في الحصول على الخدمات الحيوية والحقوق الأساسية، وأوضاعهم تثير قلقا بالغا لدى العاملون في المجال الإنساني، لا سيما الوصول الإنساني.

ووفقا لوثيقة نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024، فهناك 1.3 مليون طفل نازح في مناطق اليمن المختلفة، وتحتضن محافظة مأرب أغلب مخيمات النزوح، وحماية هؤلاء الأطفال هي التزام بموجب القانون الدولي الإنساني، لدعم بقائهم، وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم وإمكاناتهم الحقيقية.

خدمات حيوية وصلت إلى 1245 طفلا وطفلة

ولأن الوصول الإنساني تعمل مع "اليونيسف"، لحماية الطفولة وفقا للمعايير الدولية والمبادئ التوجيهية للسياسة العامة المتكاملة لحماية الطفولة، فقد نجحت في توفير خدمات حماية الطفل لتحسين حياة النازحين والمجتمعات المضيفة في مديريتي المدينة والوادي بمأرب، خلال الفترة من أغسطس 2023 وحتى يناير 2024، وهي الخدمات الحيوية التي وصلت إلى 1245 طفلا وطفلة.

وشمل هذا المشروع خدمات متعددة وهامة، منها الخدمات المنقذة للحياة لتعافي الأطفال الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي والإصابات المرتبطة بالنزاع، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والتوعية، وكذا المساعدات القانونية، بما في ذلك الدعم للحصول على شهادة القيد والولادة.

وهي مساعدات ضرورية لصون الأطفال الأكثر ضعفا من الاستغلال والانتهاك والعنف، ونجحت في إيقاف حالات زواج مبكر نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة لأولياء الأمور، وساعدت الأطفال في الحصول على الخدمات الحيوية، بما في ذلك خدمات الصحة، ولم شمل بعض الأسر، وإعادة إدماج أطفال في المجتمع.

وفي تصريح خاص، أكد أمين عام الوصول الانساني الدكتور عبدالواسع الواسعي، أن الأزمة اليمنية أصبحت أزمة بقاء حادة بالنسبة للأطفال، "ولذلك تبذل الوصول الإنساني المزيد من الجهود لحماية الأطفال ووقف معانتهم من خلال تدخلات عالية التأثير"، وقال الواسعي، إن التركيز على الحماية أمر أساسي، وبحاجة إلى الدعم المستمر من الشركاء، لمنح الأطفال المستضعفين الأمل في مستقبل يسوده السلام.