الماء سر الحياة في الكون، فلا حياة مستقرة، بدون مياه متجددة، تتدفق ينابيعها العذبة في كل مكان، من هذه المعمورة، وحق الإنسان في حصوله على المياه النقية، الصالحة للشرب، حق لا يمكن تجاهله أو الاستغناء عنه.
في معظم قرى الريف اليمني، يتوجه الأطفال والنساء، منذ ساعات الصباح الأولى، يقطعون مسافات بعيدة، للوصول إلى الوديان، ومصادر المياه الشحيحة أصلا، يحمل هؤلاء الأطفال والنساء، على ظهورهم ورؤوسهم، قدرا من احتياجات أسرهم من هذه المياه.
في مثل هذه القرية النائية، ترك الأطفال والفتيات مقاعد دراستهم، بحثا عن المياه، فيما لم تجد الأمهات هنا في منطقتي خبارة، والعادي، وقتا كافيا لرعاية أطفالهن، والعناية بهم، وتمكينهم من الالتحاق بمدارس التعليم.
مآس وآلام
ظلت منطقة خبارة والعادي لمدة عشرين عاما مضت تعاني معاناة مستمرة، وضع صحي متدهور كان من أسبابه عدم توفر مياه صالحة للشرب، وعدم وجود دورات مياه في منازلهم حيث يعيش جميع سكان المنطقة والبالغ عددهم (482) أسرة في فقر مدقع، شح في المياه انعكس ذلك على تعليم الأطفال، وضاعف من التحديات التي تواجها المرأة في تلك المنطقة.
تحمل الأطفال عبئ جلب المياه لأسرهم من بعض الآبار القريبة من المنطقة فلم يعد للأطفال مدرسة تزودهم علما وتحتوي طفولتهم.
يقول أحد سكان المنطقة: قبل عشرين عاما، تم حفر بئر هنا في هذه المنطقة، كنا نأمل أن تخفف من معاناتنا، لكنها للأسف توقفت، فلا يوجد مشروع يضخ المياه، وينقلها للمنازل والبيوت، ولم يستفد من هذه البئر أي شخص طوال الفترة السابقة.
استجابة الوصول الانساني لأهالي المنطقة
ولضرورة توفير مياه نقية تضمن سلامة سكان منطقتي خبارة والعادي، تدخلت الوصول الانساني سريعا بالتعاون مع منظمة الطفولة اليونيسف UNICEF لإنجاز مشروع مياه خبارة والعادي خلال الفترة من مارس 2019 وحتى سبتمبر 2020، عمل الفريق الفني والهندسي على اعداد دراسة ميدانية وتنفيذ المشروع،وتضمن المشروع تنفيذ خط ضخم بطول1.621متر طولي،وانشاءغرفة تحكم بالضخ بأبعاد 3.4م*4م،وصيانة خزان أرضي سعة 200متر مكعب، وتركيب وتوريد شبكة مياه وملحقاتها بطول 13.158 متر طولي ، توريد وتركيب وحدة ضخ كهربائية غاطسة مع ملحقاتها.
آثار المشروع
تم توصيل المياه الصالحة للشرب إلى كافة سكان المنطقة، وتحسنت الحالة الصحية لهم، المشروع لامس احتياجات أهالي المنطقة وأصبح يزود (4828) شخص بالمياه النقية الصالحة للشرب بصورة يومية وبدون عناء، وكان له الأثر الإيجابي، حيث تمكن الأطفال الذين كانوا يذهبون لجلب المياه من مسافات بعيدة من الالتحاق بالمدارس ومواصلة التعليم، وأيضا تمكنت الأمهات من إيجاد وقت كافئ لرعاية أطفالهن والعناية بهم لأن الماء وصل إليهن بيسر وسهولة.
مياه آمنة ومستدامة
فرحة كبيرة غمرت النساء والرجال والأطفال بعد افتتاح المشروع الذي أعاد الحياة وأنهى المعاناة التي عانى منها سكان المنطقة في السنوات الماضية، صار اليوم بمقدور أكثر من (4800) شخص الحصول على المياه الصالحة للشرب، عبر أهالي المنطقة في مشاعر صادقة عن شكرهم الجزيل للوصول الانساني الشريك المنفذ لمشروع المياه، ولمنظمة (UNICEF) الممولة للمشروع واللتان خففتا من معاناتهم في الحصول على مياه آمنة ومستدامة.