لا أسوأ من اقتلاع شخص من منزله وإجباره على النزوح، مخلفا وراءه ممتلكاته وسبل عيشه وذكرياته وأصدقاءه، منتقلا إلى حياة جديدة قاسية تقتضي العمل من جديد للبناء والاستقرار والحياة الكريمة في لحظة ضعف، فكيف الحال لو أن هذا الشخص المضطر للنزوح في العقد السادس من عمره؟
هذه هي حكاية ومأساة النازح الحاج سعيد علي - 60 عاما - الذي أجبرته ظروف الصراع المستمر على النزوح إلى مخيم السيما بمديرية الوادي في محافظة مأرب، وجسمه الضعيف لم يعد يقوى على تحمل تبعات السكن في مخيمات تفتقر لأبسط الاحتياجات الضرورية، ما انعكس سلبا على صحته، في ظل ظروف صحية سيئة تشهدها مخيمات النزوح.
التشخيص نصف العلاج
لم يعد لسعيد من اسمه نصيب بعد رحلة النزوح الإجبارية، فحالته الصحية تتدهور مع مرور الوقت، وحالته المادية لا تسمح له بالذهاب إلى مستشفيات بعيدة للحصول على الخدمات الطبية التي باتت مكلفة جدا في البلاد، ولم يكن أمام سعيد سوى الاستسلام للألم وانتظار الفرج.
وفي وضع مؤلم كهذا، تشاء أقدار الله افتتاح ، وحدة صحية في مخيم السيما، ضمن أنشطة مشروع "توفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية في حالات الطوارئ المنقذة للحياة ضمن حزمة الحد الأدنى من الخدمات MSP"، الممول من منظمة الصحة العالمية WHO.
حيث افتتحت الوصول الإنساني هذه الوحدة في شهر يناير 2023، لتكون فرجا ونورا لسعيد وأمثاله من النازحين الذين يفتقرون لخدمات صحية كافية، في بيئة صحراوية مناخها قاس، وفي ظل ما تعانيه الأسر النازحة من أوضاع معيشية واقتصادية متردية للغاية.
زار سعيد الوحدة الصحية، لعله يجد ما يشفي جسده العليل، وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، اتضح أنه يعاني من داء السكر وهو لا يعلم، وما الجروح التي لم تندمل في قدمه إلا عرض لهذا الداء المزمن، والتشخيص الدقيق نصف العلاج، كما يقال.
مرحلة التعافي والعافية
قام الفريق الطبي بمهمته النبيلة تجاه هذه الحالة المرضية، وحصل المريض على الأدوية الأساسية اللازمة لتحسين صحته مجانا، وهنا فقط أصبح سعيد سعيدا بالفعل كونه حصل على خدمات طبية كان يحتاج لها بشدة، وهنا قال سعيد ممتنا "أنقذتم حياتي، كنت على وشك الموت".
كما أن اكتشاف إصابته بداء السكر الآن يساعده على حماية نفسه، واتخاذ إجراءات وقائية، تحافظ على صحته نحو التعافي والعافية، وقربه من الوحدة الصحية يمكنه من متابعة وضعه الصحي باستمرار، والحصول على الأدوية الأساسية اللازمة.
وهذا نجاح كبير لمشروع "توفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية في حالات الطوارئ المنقذة للحياة ضمن حزمة الحد الأدنى من الخدمات MSP"، الذي يلبي جزءا هاما من الاحتياجات الصحية المتزايدة للنازحين والمجتمع المضيف المتضررين بشدة من النزاع في اليمن.