يعاني النازحون في اليمن، الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بأكثر من 4.5 ملايين، من أوضاع إنسانية صعبة للغاية، جراء حالات التشرد التي يعيشونها، وهو الوضع الذي يتفاقم في المخيمات مع افتقادها لأبسط الاحتياجات الأساسية كمياه الشرب النظيفة ودورات المياه والخدمات الصحية، وسط تفاقم مشاكل المياه في البلد الذي يمر بواحدة من أكبر الأزمات الإنسانية.
وتمثل محافظة مأرب أكثر محافظات اليمن استيعابا للنازحين، وجزء كبير منهم يعيشون في مخيمات مهترئة وسط بيئة صحراوية مناخها قاس، وإحدى نقاط ضعف هذه المخيمات غياب خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الآمنة، والتي تحولت إلى إحدى أهم الأزمات التي تهدد حياة النازحين، ومعظمهم من النساء والأطفال.
واستجابة لذلك، ساهمت الوصول الإنساني في مواجهة هذه الأزمات، وبدعم من صندوق التمويل الإنساني في اليمن (YHF)، أحدثت فارقا في حياة الأسر النازحة في مخيمين للنازحين هما "آل مثنى"، و"بر الوالدين"، من خلال مشروع تقديم مساعدات المياه والإصحاح البيئي الطارئة المنقذة للحياة للنازحين الأكثر ضعفا والمجتمعات المضيفة في مأرب.
إنجازات متعددة ومستفيدون
المشروع يعد واحدا من المشاريع النوعية والمستدامة التي لبت احتياجات ملحة للنازحين الأكثر ضعفاً في المخيمين المستهدفين والمجتمعات المضيفة بالمنطقة التي تفتقر لأبسط الخدمات العامة والبنى التحتية، ومشروع ذو أهمية بالغة لتقليل انتشار الأمراض والأوبئة، في ظل الظروف الصحية التي تشهدها مخيمات النازحين، وتنعكس بشكل سلبي على حياة الناس وصحتهم.
ومن خلال المشروع، الممول من (YHF)، عملت الوصول الإنساني على تحسين وصول أسر النازحين الأكثر ضعفا والمجتمعات المضيفة في مخيمي آل مثنى وبر الوالدين، إلى مرافق المياه والصرف الصحي المحسنة وإمدادات النظافة الأساسية، ورفع وعي المجتمعات لتعزيز الممارسات الصحية المتصلة بالمياه والإصحاح البيئي.
وقد استفاد 567 أسرة في المخيمين المستهدفين، من خدمات هذا المشروع خلال الفترة (أكتوبر 2022 – يوليو 2023)، وتضمنت الخدمات تركيب 27 خزان مياه عام (نقطة توزيع مياه) سعة 2000 لتر، وتوفير 5,005,800 لتر مياه صالحة للشرب لتزويد 3,275 نازحا، و إعادة تأهيل مشروع مياه آل مثنى، وتنفيذ 12 حملات نظافة عامة.
وإضافة إلى ذلك تم تنفيذ 179 حمام، منها 6 حمامات لذوي الاحتياجات الخاصة، وتوزيع 1,482 حقيبة نظافة أساسية ومستهلكة، وتدريب 20 متطوعاً ومتطوعة حول تعزيز النظافة والحشد والمناصرة، وكذا تنفيذ 3,629 جلسة وزيارة منزلية للتوعية حول الرسائل الأساسية للمياه والإصحاح البيئي، وتزويد المخيمين بـ 50 برميل قمامة بلاستيكي سعة 300 لتر، ودعم صندوق النظافة لجمع ونقل حوالي 450 متر مكعب من القمامة.
صون صحة وكرامة النازحين
مشروع تقديم مساعدات المياه والإصحاح الطارئة والمنقذة للحياة للنازحين الأكثر ضعفا والمجتمعات المضيفة في مأرب، ساهم في تحسين الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي وممارسات النظافة والعيش في بيئة مستدامة، وحقق نجاحا ملموسا في تخفيف معاناة السكان في مخيمي آل مثنى وبر الوالدين، وإبقائهم بعيدا عن حافة الهاوية.
وفي تصريح لمدير المشروع الدكتور أمين علي عمر، قال إن المشروع ساهم في سد الفجوة في الخدمات الأساسية للمياه والإصحاح البيئي التي يعانيها النازحين في المناطق المستهدفة، وعمل على توفير احتياجات حياتية لا يقوى الكثير من النازحين على تحمل تكاليفها، فلم تعد عملية جلب المياه مهمة شاقة ومرهقة وخطيرة كالسابق، وعملت دورات المياه على الحفاظ على صحة وكرامة وخصوصية النازحين.
وأضاف الدكتور أمين، أن تدهور البنى التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي، وتكاليف المياه المرتفعة في البلد تساهم في تفاقم معاناة النازحين الذين اقتلعوا من ديارهم وفقدوا مصادر دخلهم، وهنا تكمن أهمية المشروع الذي أحدث تغييرا فعليا وقيميا في حياة المستفيدين، خصوصا النساء والأطفال، حيث ساعد في القضاء على الأمراض والأوبئة المتفشية بسبب ندرة المياه النظيفة.
وعبر عدد من النازحين ومن المجتمع المضيف في المواقع المستهدفة عن شكرهم للوصول الإنساني و(YHF)، على هذا التدخل الكبير وهذه الخدمات الضرورية لحياتهم، والتي أصبحت في متناولهم بعد أن كانوا يجدون صعوبة بالغة في الحصول عليها، مما يسمح لهم بالتركيز على مجالات الحياة الأخرى، في بلد غارق في الصراع منذ سنوات، ويوصف بسادس أكبر أزمة نزوح في العالم، وثلاثة أرباع سكانه من دون خدمات المياه والصرف الصحي، بحسب تقارير دولية.