كان الهم يكاد يفتك بشاذلين عبده الصغير التي تبلغ من العمر 25 عاماً، وأيضا بزوجها أنس العاطل عن العمل الذي يكبرها بعامين، وهمهما الشاغل، إذا جاءت الولادة لشاذلين؛ كيف سيتصرف الزوج؟، وكيف سيتم اسعافها إلى أقرب نقطة خدمة وهم من أبناء (ثعبات) في مديرية صالة، تلك المنطقة التي تقع على خط النار، وتنعدم فيها نقاط الخدمات الصحية، ونقلها إلى المدينة تحتاج إلى مغامرة كبيرة للنجاة بين براثن الخطر المحدق عليهما.
مآسي وآلام
منذ سنوات ونسبة كبيرة من النطاق الجغرافي لمديرية صالة تعيش أوضاعاً مأساوية؛ بسبب وقوعها قرب خط النار، كان سببا في توقف المرافق الصحية عن تأدية دورها الوطني في خدمة ومعالجة المرضى المحرومين وخصوصا المناطق النائية ، وأصبح تقديم تلك الخدمات يحتاج إلى مشقة كبيرة؛ كونها بعيدة ويحتاج إلى مخاطرة للوصول إليها، داخل المدينة.
هناك نسبة كبيرة من سكان المديرية تسكن في الجزء الغربي للمديرية باتجاه المدينة، مقيمين ونازحين، وأغلبهم من الفئات الأشد فقراً، والذين فقدوا الدخل والعمل، وأصابهم الفقر والعوز، ولم يتمكنوا من نقل أسرهم إلى وسط المدينة، فآثروا العيش هناك قريبا من الخطوط الساخنة.
استجابة الوصول الإنساني لأهالي مديرية صالة
أحست الوصول الإنساني بإحساس هؤلاء الناس، وسيرت عبر مشروع تعزيز الوصول لخدمات صحية مستدامة في محافظتي تعز ولحج، وتمويل من صندوق التمويل الانساني اليمني YHF. الفريق الطبي المتنقل إلى مديرية صالة، لتجوب كل المناطق القربية للمديرية.
فمنذ بداية شهر مارس من هذا العام، وفي تمام الساعة الثامنة من صباح كل يوم تنطلق سيارة الفريق الطبي المتنقل التابع للمشروع لتأدية واجبهم الإنساني، رغم مخاطر النيران من حولهم، والخوف الذي ينتابهم، من رصاصة قناص، أو قذيفة هاون طائشة، وكل ذلك من أجل أن يقتربوا كثيراً من أوجاع الناس ويقدمون خدماتهم الطبية، وعندما يعودون في المساء يروون لزملائهم مغامراتهم المليئة بالرعب الذي أصبح ملازما لهم بشكل يومي،
لكن ما أن يلتقوا في اليوم التالي بالمستفيدين، وينظرون إلى تلك الوجوه المستبشرة بقدوم الفريق الطبي، ويتطلعون إلى فرحة عيونهم، حتى يزيدهم ذلك إصرارا على استكمال عملهم الإنساني لأجل الإنسانية.
لقد أصبح الفريق الطبي المتنقل، جزء من الناس في مديرية صالة، وكل يوم يزداد حب الناس لهم.
لحظة فرح وسعادة
وفي يوم السادس عشر من شهر أكتوبر الجاري، كانت الفرحة تطغى على ( شاذلين ) وكادت تنسيها ألم الولادة.. وكل ذلك الهم الذي كانت تحمله مع زوجها كل ليلة قد انزاح بوجود الفريق الطبي المتنقل، والمزود بقابلة مدربة ماهرة، جعلتها لا تحتاج إلى المخاطرة في الانتقال إلى مركز تقديم الخدمات الصحية في المدينة.
لقد عمت الفرحة المكان؛ بسبب قدوم الوافد الجديد الذي أسموه ( منتصر ) على أيدي قابلة الفريق الطبي المتنقل، وهلت السعادة على وجه شاذلين، وكانت دموع الفرح في عيني زوجها كافية، أن تقدم كلمات الامتنان والشكر لكل طاقم الفريق الطبي التابع للوصول الإنساني الشريك المنفذ للمشروع، وجهود صندوق التمويل الإنساني في اليمن (YHF)، الشريك الممول للمشروع ، واللتان خففتا من معاناتهم في الحصول على خدمات الصحة الإنجابية .