
"أستطيع الآن أن أتعلم وأجلس مع صديقاتي بدون معاناة".. هكذا قالت الطفلة ليلى قاسم – 10 أعوام – وهي مستفيدة من مشروع الاستجابة المتكاملة المنقذة للحياة للأشخاص المستضعفين في حالات الطوارئ في مدينة مأرب "مشروع حياة".
والذي تنفذه الوصول الإنساني، بتمويل سخي من صندوق التمويل الإنساني في اليمن (YHF)، لإنقاذ حياة النازحين والعائدين والمجتمع المضيف، والمساهمة في حماية مستقبلهم، في ظل أزمة إنسانية طويلة الأمد.. فما هي حكاية الطفلة ليلى، وماذا قدم لها هذا المشروع الحيوي؟
- مستقبل مجهول
بفعل الصراع المستمر في اليمن، وبحثا عن سبل العيش، اضطرت عائلة الطفلة ليلى، إلى النزوح إلى مدينة مأرب، وهي المدينة التي تضم أكبر تجمع للنازحين في البلاد، الذي يعاني من واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، وسط محدودية الخدمات الأساسية، وتضاؤل سبل العيش.
ووالد ليلى قاسم، لديه سبعة أطفال، وبدون مصدر دخل ثابت، في ظل أوضاع اقتصادية غاية في السوء، وقد تسببت له رحلة النزوح بمتاعب كثيرة، وتآكلت قدرته على الصمود، ولم تتوقف المعاناة عند هذا الحد.
فقد بدأت الطفلة ليلى، تعاني من آلام في الأذن، ولأن حالة الأسرة المعيشية صعبة للغاية، ولا تسمح لها بمعاينتها، تطورت حالة الطفلة المرضية، إلى التهابات حادة، وبدأت الطفلة البريئة تفقد سمعها تدريجيا، واقتربت من حالة الصمم، وما يمثل ذلك من خطر على مستقبلها.
فقد وجدت ليلى، نفسها عاجزة عن الدراسة، والتعليم هو الأساس الذي يرتكز عليه المستقبل، وعاجزة عن الجلوس مع زميلاتها، وعزلها عن محيطها الاجتماعي يقود إلى اضطرابات نفسية وحالة ضعف، فهي لا تستطيع الحديث مع من حولها، مما ينعكس على صحتها العقلية والجسدية.
قال قاسم، وهو يشرح حالته المادية القاسية: "وضعي صعب، أسكن مع أولادي السبعة في غرفة واحدة، ولم أتمكن من توفير التكلفة الباهظة لمعالجة ابنتي"، بينما قالت والدة الطفلة ليلى، وهي تصف المأساة التي حلت بالأسرة: "كنت أتألم وأبكي، وينتابني خوف شديد على مستقبلها، فلن تستطيع التعلم والعمل، وربما لن تتزوج كونها لا تسمع، وكنت أشعر بالأسى من سخرية زميلاتها منها".
- حياة جديدة
ومع انسداد الأفق أمام هذه الأسرة لإنقاذ حياة طفلتهم، انفتح باب لم يكن بالحسبان، عبر "مشروع حياة"، الذي أعاد الحياة للطفلة، من خلال مجموعة من التدخلات الضرورية، التي يتضمنها المشروع، ومنها خدمات الحماية للفئات الضعيفة.
حيث أجريت عملية جراحية للطفلة، في مارس 2025، في أحد المستشفيات المحلية، وامتدت التدخلات إلى تقديم الدعم النفسي للطفلة، للتغلب على المشاعر السلبية، وعمت الفرحة في الأسرة، فليلى، أصبحت قادرة على السمع، والعودة إلى المدرسة، والحديث مع أقرانها بدون معاناة.
وتعليقا على هذا التدخل الإنساني، قالت ليلى: "شعرت بفرحة كبيرة عندما بدأت اسمع"، بينما قال والدها قاسم: "نحن عاجزين عن شكركم، وقفتم إلى جانبنا في أحلك الظروف"، فيما قالت والدتها: "أنقذتم حياة ابنتي، شعرت أن ليلى ولدت من جديد، لن يسخر منها أحد الآن بسبب ضعف سمعها، أصبحت بنت مثل كل البنات".